دروب الفداء كتاب
للشاعر الراحل أحمد محمد شعيب يجسّد فيه إيمانه بالقضية
الفلسطينية وموقفه من تخاذل الحكام العرب أمام سقوط فلسطين بيد الغزاة ثائراً
عليهم وعلى رجال أمة اتسموا بالغرور والجهل، وعلى علماء دين يفقترون الشعور
القومي، مفاضلاً بين الغني والفقير الذي يلبي النداء عندما يدق نفير الحرب، بين
الأمل واليأس، بين مرارة الهزائم وغضب العاجز، مصوّراً ما يعانيه الإنسان العربي من
بلاء بسبب سياسيّيه ومثقفيه وجنده وأجهزة إعلامه رادّاً كلَّ ذلك البلاء إلى فقدان
الحرية.
جاء الكتاب بمثابة شهادة صادقة على مرحلة مظلمة من حياة
العرب في العصر الحديث، ثائراً على الفساد أينما رآه، في البت في الشارع في المؤسسة الحاكمة، في المهجر، في المؤتمرات
التي تعقد من أجل التخدير أو التزييف في فيتنام ومجلس الأمن. ثار بجرأة وشمولية لم
يعرفها الزجل اللبناني من قبل...تمثلت في شعره الذي غلب عليه طابع البساطة
والعفويّة، فكانت ثورة شعبية تهدف إلى الهدم في سبيل البناء. فجاء الكتاب مؤلفاً
من ثماني وثمانين صفحة، صدر في العام 1969، كتب مقدّمته شقيقه الشاعر الراحل موسى
شعيب. ومما جاء فيها:
أخي أحمد...
ما أنا بكاتب مقدّمات، ولا وثقت بها يوماً. حمّلتني فوق ما أطيق! سامحك الله قد أربكتني: أأعرّف بك؟ وأنت في ميدانك خائض غمرات. أأعرّف بشعرك؟ وهو نفسه الذي عرّف بك.
"كلّ شيء للمعركة" ذاك هو العنوان الأخر الذي يمكن أن نضعه لديوان "دروب الفدا"، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ النضال العربي تزداد حدّة الصراع بين القوى الشرّيرة متمثّلةً بإسرائيل ومن يدعمها من قوى الاستعمار، وبين القوى الخيّرة متمثلةً بإرادة الحياة التي لا تقهر في الشعب العربي بين الصعود والهبوط. وتفرض حدّة المواجهة أن تدخل جماهير العرب كلُّها أرض المعركة. وعلى طريق الكفاح الشاق والطويل يتراخى العاجزون ويتساقط المزيّفون لتكمل قافلة الخلود مصيرها حتى النصر.
لقد أعلن أحمد شعيب تحوّله فكراً وشعراً إلى ساحة المعركة، وأعلن تخلّيه عن المواقف السلبية واللمسؤولية. وخرج من تجربة حزيران كأكثر الشرفاء محارباً ثائراً: القلم في يده بندقيّة والكلمة رصاصة، لقد توضّحت أمامه معالم الطريق، طريق الخلاص:
لا عاد يلهيني حكـي وتبخيــر ولا تكتكــة مــن دون حنيّـــة
وما ظل عندي للهوى تفكيــر ولا عاطفــة شعّـــار سلبيـــة
شعري نذرته لْفتح والتحريـر والعاطفــة صارت حماسيّــة
لأجل ذلك ارتفع أحمد إلى مستوى المعركة. ووثبته الرائعه هذه تبعث على الاعتزازية، وتبعث في الوقت نفسه ازدراء الشعر الذي ما زال يسفح على أرجل الفاتنات
أو يُراق على موائد الشراب أو ينحر في أشداق القوّالين.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.